حضرة أعضاء الهيئة التعليمية والتربوية،
يا تلامذة مدرسة سيّدة الجمهور،
كلّ سنة، في العشرين من شهر تشرين الثاني، وقبل يومين من ذكرى الاستقلال، نقف مربين وتلامذة، أمام علمنا، لتحيّة العلم، هذا الرمز الجامع الموحّد لجميع اللبنانيين إلى أي منطقة أو عمر أو فئة أو طائفة أو دين انتموا،
كل سنة، يتجدّد يوم العلم ويطل علينا عيد الاستقلال وذلك حتى لا ننسى، ومن خصائص الإنسان أنه ينسى، حتى لا ننسى أن علينا تحية علمنا، علم لبنان وأن نرفعه عالياً خفاقاً أمام الأنظار، نغمره بعواطفنا وشعورنا وعقولنا وحتى لا ننسى أنه من واجبنا أن نتذكّر الاستقلال لا كمحطة معينة في تاريخنا بل كمعركة مستمرة من أجل إرساء حرية الإرادة والأرض والسماء والبشر.
أيها الطلاب،
أتوقف في كلمتي عند فكرة واحدة،
في بداية احتفالنا سمعنا صوت أحد رفاقكم يعلن قائلاً:
مدرسة سيّدة الجمهور، إلى العلم" فماذا يعني ذلك؟
أن يطلب منكم التوجه بأنظاركم إلى العلم، ذلك يعني
افتخروا بعلمكم اللبناني.
لا يكن لكم منه موقف الحياء أو الخجل،
في حالتنا اللبنانية الراهنة، أمور كثيرة نخجل منها ولا نفتخر بها،
السياسة التي اصبحت سياسة المصلحة الخاصة والسياسة، فنّ الممكن، أصبحت حوار الطرشان وفن الشطارة، والبيئة التي تحولت من جبال قلّ فيها اللون الأخضر وكثر فيها اليباس، ونبتت في خليج بيروت وفي مدن أخرى كثبان من المهملات والفساد الذي نخر سوسُه العديد من الرجالات والإدارة،
لا نفتخر بهذا كلّه،
إنما عندما نسمع النداء "إلى العلم" أنتم الشباب ونحن الكبار، ننظر إلى العلم فنفتخر به ونحترمه ونجله ونحييه، ونعرف كم أن التحديات كبيرة للنهضة والإصلاح،
ولأننا ننظر إلى العلم بفخر واعتزاز،
تزداد فيكم وفينا العزيمة والجرأة والإرادة،
لخدمة هذا الرمز،
رمز وحدتنا وحريتنا واستقلالنا وإرادتنا في البقاء، فنسمع النداء "إلى العلم"
فتستفيق في وجداننا وضميرنا وكياننا
محبة الوطن والرغبة في أن تكون المحبة، لا مجرد عاطفة فحسب،
بل عملٌ دؤوب والتزام بالدراسة واكتساب المعارف والعلوم وتكوين العقل الثاقب المدبّر من أجل أن نكون مواطنين مشاركين في نهضة الوطن، نهضة تتأسس على العدالة والحرية والإمان بالله.
محبة الوطن عمل مثابر يكوِّن لديكم الوعي الوطني والسياسي بأن هذا الوطن هو رسالة الغلبة على العنف ورسالة التغلب على الأنانية والجهل والعصبيات ورسالة الحوار وقبول الآخر كشريك في بناء الوطن لبناء الحاضر والمستقبل.
نسمع النداء "إلى العلم"
فننظر إلى العلم ونقول قسماً أن نزود عنه ونعمل بالمعاني التي يحملها:
ننظر إلى اللون الأبيض ينادي الشباب إلى أن يبقى شباب السلام والقلب النقي الواعد ببناء لبنان العدالة، لبنان المواطن الذي عليه من واجبات بقدر ما له من حقوق،
ننظر إلى اللون الأحمر ينادينا إلى أن نشهد كل يوم بسلوكنا ووثائق صفوفنا ونهجنا التربوي، أن نشهد للحق والعدل والحرية وأن نضحي بالغالي والنفيس ليكون لبنان منارة الديمقراطية والعيش المشترك في وسط الظلمات،
ننظر إلى الأرزة الراسخة جذورها في أرض لبنان، في أرض جبال لبنان، فنكون نحن أيضاً راسخين في أرضنا وتراثنا وديننا، في قيم العائلة والتضامن والمسؤولية، نكون راسخين ثابتين في هويتنا وانتمائنا لهذه الأرض ولهذا التاريخ،
ومن له أصل ثابت فيه لا يهوى أبداً، ومن هو راسخ في الأرض والتاريخ، يرى الاستقلال والحرية والمستقبل في العلم الخالد، علم لبنان.
عاشت مدرسة سيدة الجمهور، عاش لبنان، عاش العلم.