"الصلة القانونيّة" بين العلمانيّين "المُشاركين" ورهبانيّتنا

 

 

إلىجميع  كبار الرؤساء

أبتِ العزيز،

سلام المسيح.

إنّ المجمع العامّ الرابع والثلاثين، الذي تابع السير في إثر المجمع العامّ الحادي والثلاثين، وصَّى بعشر سِني اختبار "صِلات قانونيّة" بين علمانيّين ورهبانيّتنا، وعارضاً بعض التوجيهات لتلك الاختبارات، ومعتمداً على المجمع العامّ الآتي في تقييمها.

إنّ تفكيراً أوَّل في الحالات التي عُرضت حتّى الآن في شأن بعض الأفراد - فإنّ الرابطات المحتملة لا تُؤخذ هنا بعين الاعتبار - الذين يرغبون في أن يرتبطوا ارتباطاً أوثق برهبانيّتنا يُمكِّن من جمع بعض التعليمات العمليّة - إنّها لا تطمح إلى أن تكون لها صفة نهائيّة، ولكنّها قد تبدو مفيدة في الحاضر لتوجيه الحالات التي تظهر إليكم وإيّاها.

في الحالات التي نهتمّ بها هنا، من المناسب أن نميّز بين مجالَين مختلفَين: مجال الالتزامات التي يتعهّد بها أولئك الأشخاص مع رهبانيّتنا والتي تتعهّد بها رهبانيّتنا معهم. ومجال الالتزامات التي يرغب هؤلاء الأشخاص أحياناً في اتّخاذها أمام الله. فإنّ الالتزامات الأولى قد تشكّل مادّة اتّفاقيّة أو اتّفاق تعاون في رسالة رهبانيّتنا، في حين أن سائر الالتزامات يمكن أن تكون موضوع وعود أو نذور شخصيّة. وحتّى عندما لا يكون هذان النوعان من الالتزامات في الواقع مستقلّين تماماً، فمن الأفضل أن نحفظهما منفصلَين وأن لا نخلط بينهما في فعل واحد.

وفقاً لما ورد في المجمع العامّ الرابع والثلاثين (قرار 13، رقم 24)، "فإنّ الغاية من تلك الاختبارات الخاصّة بالصلة الأوثق هي رسوليّة"، وأمَّا "الصلة القانونيّة فإنّها ستكون صيغة معيَّنة لاتّفاق تعاقديّ مع رهبانيّتنا". فالصلة الأوثق تقوم إذاً بفضل اتّفاق تعاون في رسالة رهبانيّتنا، مستوحى من دافع رسوليّ صريح، وحيث يُعبَّر أيضاً عن استعداد ثابت لتلك الرسالة.

وفي مثل ذلك الاتّفاق، حيث، من جهة رهبانيّتنا، لابدّ أن يتدخّل الرئيس الإقليميّ شخصيّاً، يجب توضيح النقاط التالية:

- ما يُلزم به الشخص المتعهّد نفسه نحو رهبانيّتنا (التعاون والاستعداد الرسوليّ، والتنشئة التي يتعهّد بالحصول عليها، وسعة العلاقات وطرقها ببعض جماعات رهبانيّتنا أو بواحدة منها).

- ما يُلزم به رهبانيّتنا نفسها نحو ذلك الشخص (العهد إليه برسالة رسوليّة، والتنشئة المناسبة، والعلاقات بجماعات رهبانيّتنا، وطابع التعاون المجّانيّ أو المكافأ).

- مجال تطبيق الاتّفاقية أو الاتّفاق: في الوقت الحاضر، لا يجوز أن يتجاوز الأمر الإقليم أو القطر.

- مدّة الالتزام المعقود.

- دوافع إبطال الاتّفاق، سواء أكان ذلك بموافقة الطرفَين أو بمبادرة أحد الطرفَين المتعاقدين.

جميع تلك النقاط يجب طبعاً أن تنطبق على خصوصيّات كلّ حالة.

إن مثل ذلك الاتّفاق يتّسم بطابع روحيّ ورسوليّ، غير شرعيّ - فالوجوه الشرعيّة المحتملة التي نجدها في علاقة شخص علمانيّ، يعمل في أعمال رهبانيّتنا يجب أن تكون محدّدة على حدة، في عَقْد مناسب وصحيح مدنيّاً.

ولكن، من جهة أخرى، فحتّى إذا كان اتّفاق التعاون في الرسالة معقوداً ومطبَّقاً بالاعتدال اللائق، فإنّه في حدّ ذاته علنيّ، وليس هناك أيّ شيء يعارض أن يُعقد، بتبادل الاتّفاق وبالطريقة التي تبدو ملائمة، في شيء من الأبّهة، مثلاً في أجواء احتفال إفخارستيّ أو عمل ليترجي آخر.

في ما يختص بالنذور أو الوعود المُحتمَلة، فإنّ هذا الأمر يعود إلى كلّ شخص وقراره الحرّ، بحسب ما يُشير عليه الروح القدس. ولكن علينا أن لا ننسى أنّ ما يقال في شأن العلمانيّين الذين يريدون أن يرتبطوا برهبانيّتنا بوجه أوثق (المجمع العامّ الرابع والثلاثون (القرار 13، الرقم 24)، "فإنّ طابع دعوتهم العلمانيّة المتميِّز يبقى محفوظاً وإنهم لا يصبحون شبه رهبان".

وفي حال أراد أحد أن ينذر نذراً أو وعداً.

- فإنّ مضمون أو موضوع ذلك النذر أو الوعد يجب أن يكون محدَّداً وجازماً ومُعتِّبراً، بما يكفي من الوضوح والدقِّة، عمَّا يُلزم الشخص نفسه أمام الله وبأيّ قوّة.

- يجب أن تكون مثل تلك النذور أو الوعود "بمعزل عن الآخرين"، أي مقدَّمة رأساً إلى الله، وأن لا تكون لها آثار إلاّ في ضمير الشخص الذي يُبرزها.

- بسبب ذلك، يجب أن تُبُرز سرّاً. ولابدّ أن يكون واضحاً أنّها، حتّى إذا عُرفت، لن تقبلها رهبانيّتنا باسم الكنيسة (وإلاّ أصبحت نذوراً علنيّة)، ولا تُبرَز "بين يدَي" أيّ شخص كان، ولا تضمّ إلى رهبانيّتنا بأيّ وجه من الوجوه، فلا تتجاوز الطابَع الروحيّ.

- من الواضح أنّ الفطنة تطلب من الذين يُبرزونها أن يلتزموا بها لمدّة مؤقّتة، قبل أن تُصبح أبديّة.

- قد تكون تلك النذور موضوع إعفاء وفقاً للمقاييس العامّة التي تختصّ بالإعفاء من النذور السرّيّة.

- إنّ الشخص الذي ينذر مثل تلك النذور يجوز له بملء الحريّة أن يستند إلى اتّفاق التعاون مع رهبانيّتنا، لكنّ هذا الاستناد تُلزم رهبانيّتنا أي واجبّ غير واجب الاتّفاق المعقود.

أُثيرت مسألة "كشف الضمير" من قِبَل العلمانيّين المرتبطين برهبانيّتنا لرؤسائها المختصّين. من الواضح أنّ العلمانيّين المشاركين، خلافاً لما يجري لليسوعيّين، ليسوا مُلزَمين بذلك، إلاَّ أنّه ليس هناك عقبة في أن يلتزموا في أمر "كشف الضمير". على كل حال، من الواضح أنّه، في ما يختصّ بالرؤساء الذين يعود إليهم أن يعهدوا إلى أولئك الأشخاص برسالتهم، يكون من المناسب أن يطلّعوا على أوضاعهم، أقلُّه في ما يتعلق برسالتهم وبما تنطوي عليه، فيستطيعون أن يميّزوا معهم ما يناسبهم (المجمع العامّ 34، القرار 13، الرقم 25).

إليكم التعليمات العلميّة التي كنت أري أن أبلّغكم إيّاها، راغباً في فتح طرق وتمكين الروح القدس في العمل كما يريد لخدمةٍ أكبر لله ومساعدة النفوس - أكون لكم شاكراً إن أطلعتموني على التطوّرات التي قد تنشأ في هذا الموضوع، فتستفيد رهبانيّتنا كلّها من الاختبارات التي يقام بها في الأقاليم والأقطار.

رومة في 17/3/1999
   أخوكم في الربّ
بيترهانس كولفنباخ اليسوعيّ
                                     الرئيس العامّ

Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008