![]() |
An-Nahar |
اذا كان شغل علماء
البيئة الشاغل اليوم، السعي الى انقاذ كوكبنا من الموت البطيء المتفشي في
بحاره واحراجه وقطبيه، من الانقراض الجماعي لحيوانات أرضية وبحرية ونباتية،
فان الدرس الاخلاقي والحياتي الذي تلقيناه جاءنا من الصف الثاني الاساسي
بفروعه السبعة في مدرسة سيدة الجمهور. كان يوم الجمعة في اوديتوريوم المدرسة
يشبه العيد، تلخص في 14 رقصة تمثل حكاية كوكب الارض من شروقه، والبراءة التي
جعلت منه فردوسا الى حين فتك به الانسان حارقا ومدمرا ومستبيحا قدسية الماء
والنبات والهواء لمصالحه الخاصة.
كان المستوى التعبيري لدى اولاد في السابعة من العمر، يوزع بالايقاع
والدينامية، والتدريب الكوريغرافي المتقن على معلمتي الرقص في هذا المعهد،
ساندرا بوكروم ورنا هبر، مراسيل انسانية، حية، تنخر في صميم الحضور وتعيد
المستهترين الى صوابهم. في مستهل الاحتفال، رحبت الاخت هيام ابو جودة بالحضور،
بكلمة عنوانها اللافت "اناشيد الحياة". وكأنها تقول تعالوا ننس
الاحداث الحزينة، ونتبع الاولاد في احلامهم في هذه المشاهد الراقصة الرمزية.
"الانسان بنى مدنا واسمنتا، كذلك الحدائق والمزروعات. وتعلّم ان يدجّن
عالما خلق لاجله"، "من الارض الى القمر عبّر عن مخاوفه بالاساطير
واخترع النار. زرع الارض، صادق الريح، شرب من مياه الانهار ورحل على البحار
ليستمع الى نشيد الحوريات. اناشيد الارض، عروض اردناها تحديا للكلمة، حيث
الجسد بمواهبه التعبيرية، يخبر ما اقترفه الانسان في الطبيعة. عرض من جزءين
يتناول فيهما الفن الكوريغرافي رمزية العناصر الاربعة، الماء والهواء والارض
والنار. فرسالة تلامذتنا واضحة ان نحمي الارض، حتى نؤمن بالغد".
على موسيقى تتنوع بتنوع الموضوع الراقص، بدأ العرض بالنار والاولاد يعتمرون ما
يشبه شهب النار، كذلك ملابسهم. وتلاه العرض الثاني بعنوان "النار ضو
الليل" وكنا نلمح الفرح والتركيز لدى الاولاد في رسمهم دينامية النار.
من النار الى مغامرة الانسان في البحار. بحارة صغار بزيهم الازرق المقلم
يحتفلون بالمغامرة وباسطورة اللقاء بالحوريات. وينتقل المشهد الى الحقول حيث
الرقص بالمعاول واباريق الماء ثم ري الازهار بالمرشات. من فرح الوجود الى
الدمار. فتاتان وفتى نعيا كل بصوته واسلوبه الارض وانعكاس الاضرار التي سببها
الانسان لها، على حياته. المشاهد الراقصة الثلاثة، الحرائق والدمار والموت
والاسى، رسمها الاولاد باجسادهم المركزة بخفة وعياقة على الموضوع. وحتى لا
ينتهي العرض على نوطة حزينة، جاءت الرقصات الاخيرة مفعمة بالامل، حيث
"الماء سبيل للحياة" و"الوان الهواء" التي استعادت في
ازياء الراقصين ومناديلهم المتطايرة الوان العلم اللبناني.
العمل كان متكاملا، رقصا وديكورا وازياء وسيناريوا، واكثر من كل ذلك المستوى
الوطني والاخلاقي الذي يستقيه التلميذ في سيدة الجمهور، متوازيا مع العلم
والمعرفة.
مي منسى