مَنْ أنتَ ؟
طَرقات خفيفة غريبة على بابي كرذاذ ابتهالات صعّدتها نواقيس باكية.
- مَنِ الطارق؟
- أنا.
صوت مألوف.
فتحتُ الباب.
... شبه عارٍ، نظراته نظرات طفل عمره مئات السنوات، جسد هشّمته صلوات كاذبة.
- مَنْ أنت؟
- عشر دقائق مِنْ وقتكَ.
- مِنْ وقتي؟! ومَنْ أخبركَ أنّ الوقت ملكي، أو أنّ لي رصيد وقت في البنك؟
- ملْكُ مَنْ إذًا؟
- ملك عائلتي، ملك عملي، ملك أهلي، ملك أهوائي...
- أيّها المملوك، دعني أدخل.
- عُدْ في وقت لاحق.
لجمتُ تطفّله، سددتُ في وجهه بابي الخشبيّ وقلبي.
عدت إلى عملي.
صوت مألوف!
لم يترك لي مجالاً للتفكير به أو بعملي.
طرقاته عادت إلى بابي الخشبيّ وإلى قلبي.
- نعم.
- لماذا تعمل؟
- مَنْ أنتَ؟
- أأنتَ سيّد الوقت أم أنّ الوقت سيّدكَ؟
أغلقت الباب في وجهه للحظة، ثمّ أعدت فتحه بسرعةٍ:
- ماذا قلتَ؟
- أيسير بك الزمن أم أنّك تسير به؟
- مَنْ أنتَ؟
- مَنْ وهبك نعمة الأبوّة والقلم؟ مَنْ رسمك كائنًا حرًّا على خارطة الزمن؟ مَنْ شحن خلاياك دمًا وعطفًا وفكرًا؟ مَنْ حمّل أهدابك أحلام الربيع ودفء الصيف؟
- إنّه...
- لِمَ تقف على باب المغارة ولا تدخل إلى خارج الزمن؟ ألا تهبُ زمنًا لحابك الزمن؟
لِمَ تعمل؟ لم تهتمّ؟ لم تعدو؟ لم تأكل؟ لم...
أهارب أنتَ أََمْ لاجئ؟
أقادم أنتَ أَمْ ذاهب؟
أسيّد أنتَ أمْ خادم؟
أإنسان أنتَ أمْ إله؟
" وانضمّ بغتة جمهور من الجند السماويين، يسبّحون الله فيقولون:
المجد لله في العلى
والسلام في الأرض
للناس أهل رضاه"
تفرّس في وجهي للحظات، وقال لي: مَنْ أنتَ؟
وأغلق هو الباب في وجهي بعد أن حمّلني رسالة.
فتحت الرسالة.
كلمتان: اتبعِ النجمَ.
ما زلتُ حتى اللحظة أبحث عن هويتي: مَنْ أنا؟
ما زلت حتّى اللحظة أبحث عن النجم.
أخي.
"أنا" قد أكون "أنتَ"، وكلانا قد نكون "هو".
أنا أمدّ يدي إليكَ، فامدُدْ أنتَ يدكَ لي.
تعالَ نبحث عن النجم، علّنا معًا نجده.
هو يسألكَ كما سألني: مَْن أنت؟
اتبعِ النجمَ
زمن الميلاد
جوزف يزبك
مُنَسِّق اللغة العربية