وَمِنَ الحبِّ ما أحيا!...

 

Les autres billets de la quinzaine

أحبِبْ... فَبِالحبِّ أنتَ قويٌّ، ماردٌ طفوليٌّ يأبى حواجزَ الأنانيّةِ، يَختالُ منْ فوقِها بِخطواتٍ صغيرةِ، توصلُهُ حتمًا  الى الآخرِ...

 أحبِبْ... فَبِالحبِّ أنتَ بطلٌ، حبُّكَ سلاحٌ يُحيي، سلاحٌ يُصيبُ قلبَ الآخرِ فَيَبعثُ فيهِ شرارةَ حنانٍ تُشعلُهُ فَيَحترقُ...

وَتَتّقدُ عيناهُ وَتذخرُ بِسلاحِكَ الذي أضحى سلاحَهُ، يُصيبُ بِهِ القلوبَ وَالعيونَ، فَيَجتاحُ سلاحُكُما العالمَ بِأسرِه...

 أحبِبْ... فَبِالحبِّ الحقِّ أنتَ قويٌّ، وديعٌ كَالحملِ، حكيمٌ كَالأفعى. بِالعقلِ السليمِ وَالحبِّ السليمِ، أنتَ قادرٌ على تحقيقِ المُعجزاتِ، ومُعجزاتُكَ منْ نوعٍ خاصٍ، تُلغي العنفَ وَتَنصرُ الحقَّ، تَقتلعُ الخلافَ وَتزرعُ السلامَ...

هَكذا صوّرَ لنا القدّيسُ فرنسيس الأسيزي الحبَّ بِقولِهِ:" يا ربُّ استعمِلْني لِسلامِكِ، لأضعَ الحبَّ حيثُ البغضُ وَالمغفرةَ حيثُ الاساءةُ وَالاتفاقَ حيثُ الخلافُ وَالحقيقةَ حيثُ الضلالُ...

أحبِبْ... فَبِالحبِّ أنتَ سعيدٌ، مجنونٌ، لا تسعى إلاّ إليهِ؛ هوَ رايتُكَ، مسيرتُكَ، معركتُكَ، ثورتُكَ وَسلاحُكَ...

هوَ قناعتُكَ، قضيتُكَ التي منْ أجلِها أنتَ مستعدٌّ لِلموتِ؛ وَالموتُ منْ أجلِ الحبِّ هوَ الحياةُ...

أحبِبْ... فَبِالحبِّ أنتَ تحيا، وَليسَتْ حياةٌ خاليّةٌ من الحبّ حياةً... بلْ هيَ غوصٌ في الأنانيّةِ وَرفضُ الذاتِ وَالآخرِ. هيَ غرقٌ في اللاوضوحِ وَاللامبالاةِ في اللامعنى...

بِالحبِّ أنتَ تحيا بِبذلِ نفسِكَ منْ أجلِ منْ تحبُّهم... "فَما منْ حبٍّ أعظمُ مِنْ أن يبذلَ الإنسانُ نفسَهُ في سبيلِ أحبّائِهِ..." (يوحنّا 15/13)

فَالربُّ الحبُّ وهبَكَ الحياةَ بِالحبِّ وَبذلَ ذاتَهُ منْ أجلِكَ بِالحبِّ وَقامَ فَأقامَكَ بِالحبِّ...

أحبِبْ وافعلْ ما تشاءُ... هكذا قالَ القدّيسُ أغسطينوس.

أحبِبْ... فَمِنَ الحبِّ ما أحيا!...

نسيب الفغالي
أستاذ اللغة العربيّة في المرحلة المتوسّطة



Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008