كلمة...

 

Les autres billets de la quinzaine

   لطالما عجِزْتُ عن فهمِ الصيّادين، هؤلاء البشرِ الّذين يُحلّلونَ لأنفسهم القتل، تحت شعار الرياضة أوِ الهواية. ومتى كانتِ الرياضة غيرَ تهذيبٍ للنفس والجسد ؟ ومنذ متى يُعتبر سلب الأرواح هواية ؟

   ولطالما سألْتُ نفسي : ما اللذّة الّتي يجدُها الصيّاد في قتل عصفور يقفز نشوانَ من غصنٍ إلى غصنٍ، يغرّد ويزقزق ويملأ الدنيا ألحانًا وأنغامًا ؟

   يجيبُني البعضُ: إنْ قتلتُه أو لم أقتلْه، فهو مائت مائت. أو، إنَّ العصافير تؤذي المزروعات، وعلينا أن نقتلَها. وتكثرُ الإجابات والحجج، وينسى البشري أنّ كلَّ ذي جسدٍ مائت. أفما يولد الإنسان اليوم ليموتَ غدًا ؟ إذًا... وإن كان الآدميُّ يعتبر العصفور مؤذيًا، لأنّه يقتات من المزروعات، فإنّه قد نسيَ أنّ الله يرزق طيور السماء، من دون أن تجمع في الإهراءات، وذلك من ثمار الأرض وخيرات الطبيعة.

     ولا أعرف إنْ كان الصيد للبعض تحقيقَ رجولة، "فيتمرجل" الإنسان على مخلوقات ضعيفة ليقول " أنا قادرن إذًا أنا موجود" ثمّ تراه عائدًا بعد الصيد مؤتزِرًا بالطرائد الطريّة، مختالاً، كما تختالُ الراقصة على خشبة مسرح، متباهيًا، كما يتباهى طفل بلعبة جديدة. وأين الرجولة في ذلك ؟

     لهؤلاء الّذين لم أفهمهم بعدُ أقول:

 كفّوا أيديكمعن العصافير وترفّعوا عن رؤية عظَمتكم أمام ضعف المخلوقات الأخرى. تعلّموا منها الوداعة والصمت والفرح، فهي لا تطالبكم بالطعام حين تجوع ولا بالدفء حين تبرد. هي لا تحزن ولا تغضب ولا تؤذي، بل لا تبرح تغنّي وتلعب وتمجّد خالقها. إرحموا ذوات الأجنحة  وأولاد السماء يرحمْكم الله.

تريز فرح الشمالي (مُدرّسة اللغة العربية)


Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008