Cérémonie de remise des insignes d’Officier des Palmes Académiques
au P. Salim Daccache, s.j. recteur du Collège
Vendredi 25 mai 2007, 18h30 – Centre Sportif, Culturel et Social

كلمة الأب سليم دكاش

كلمة الأب سليم دكاش رئيس مدرسة سيدة الجمهور،

لمناسبة تقليده وسام السعف الأكاديمية الفرنسية من رتبة ضابط.

قلّده الوسام سفير فرنسا في لبنان برنار آيمييه

       بأي كلمات يمكنني أن اردّ على خطبتكم، سعادة السفير؟ تلك، لعَمري، مهارةٌ جِدُّ خاصة، يصعب علي احترافها.

       1 - أنْ اشكرك لأنك عبّرتَ، امام السلطات الفرنسية  عن ضرورة منْحي شعارَ السعف الاكاديمية برتبة ضابط، يُعتَبَر من البدهيّات. غير أنني ادين لك بشكر حارّ، إذ انك تمنّيت، بجانب الكلمة التي رافقت شهادة الوسام، في تشرين الأول 2005، ان تشرّفنا شخصيًّا وتقلدني هذا الوسام، يصحبك السيد دونيز غايار المسشار الثقافي، والسيد جان ماريون المستشار الثقافي المساعد للمؤسسات المُتوأمة. افهم من هذه المبادرة، وبما ان الوسام كان متأخرًا ليصل، أنك اردت الاحتفاظ بالميدالية لتُعتِّقَها كما تُعتَّق الخمرةُ الجيّدة لتصبحَ طيبةَ المذاق وتُسكِر. من ناحية أخرى، لقد أردت ان تشرفنا بوجودك بيننا، لكي، عندما تقلدني الوسام، تنقل عرفانَ الجمهورية الفرنسية وصداقتها لجماعتنا اليسوعية، والتعليمية، والتربوية، للخدمات الجُلّى التي قدمتها للثقافة الفرنسية. وفي هذه المناسبة الفرنكوفونية، يحضرني كلامُ علي بن أبي طالب الذي يقول: "إغماطُ الغيرِ فضله يُعتبَر عجزًا أو حسدًا"، فالفضل لا يمكن إلاّ أن يكون مُتقاسَمًا، إذ إن هذا النوع من الخدمات هو دائمًا مشترَك.

سعادةَ السفير،

اصدقائي الاعزاء،

       2 - عندما أُعلنت بشرى الوسام في المدرسة، تلقيتُ رسالة من احدى مساعداتنا القدامى، أُورد منها ما يلي: "الوسام لا يعبّر عن عرفان الجمهورية الفرنسية فحسب بل عن عرفان جميع اجيال التلاميذ الذين بثثتَ فيهم روحَ الانفتاح على الثقافة الفرنسية، تلكَ مهمة اسلافك، التي جعلتَ منها جزءًا لا يتجزّأ من كيانك". احفظ بخاصة الفكرة الأخيرة، وهي ان روح الانفتاح على الثقافة الفرنسية، كتقليد مدرستنا سيّدة الجمهور، تُعتبَر لازمةً، كنتَ أنتَ المؤتمن عليها. لذا، فالشرف الذي توليني إياه اتقاسمه مع رؤساء هذه المدرسة السابقين ومدرائها وآبائها اليسوعيين، ومع قسم من المشاهير، منهم كليمان ولاغرو و sa grosse nana والأب بيليسيه، ومنسقي المواد والمعلمين، بمن فيهم في العربية والانكليزية الذين ابقوا على اللغة الفرنسية كلغة تعليم وتواصل، والذين جعلوا ويجعلون من اللغة الفرنسية واقعًا حركيًّا يوميًّا. وفي مناسبة كهذه، إنَّ من الحساسية بمكان إيرادَ أسماء اشخاص: ولكنني أودّ ان اذكر شخصًا واحدًا، فرنكوفونيًا اصيلاً، لغويًّا محافظًا، في اللغة الفرنسية، كاهنًا يسوعيًا، جنديًا مجهولاً، هو الذي يستحق هذا الوسام. انه الأب الكس باسيلي نائب رئيس هذه المدرسة.

       3 - بتقليدكم إياي هذا الوسام، لا يسعني، سعادة السفير، في حضرتكم، وأمام قسمٍ من عائلتي الكبرى اهل التلاميذ والأصدقاء ، وأمام الجماعة التربوية الحاضرة، إلاّ أن اتذكر عدة وجوه مشرقة طبعت تربيتي وثقافتي الفرنسية بطابع خاص. فمعلمو الماضي هم، بالنسبة إلينا، بمثابة معلمي المستقبل، نظرًا إلى شغفهم الفكري وعنايتهم، على قول أحد المفكرين الفرنسيين: "وحدهم الأساتذة الصالحون ينشّئون العصاميين". تجدر الإشارة هنا إلى أنني متحدّر من عائلة لبنانية، وإلى أن اللغة الفرنسية كانت لغتي الثانية. لذا فلبنانيتي اقتضتني الكثير من الإرادة، كما بالنسبة إلى الكثير من اطفال لبنان، في اكتساب هذه اللغة. فبفضل معلمتي لوسي بويري التي اصبحت، في ما بعد، الأخت لوسي. ولقد ذكّرتني والدتي الحاضرة الآن بيننا أنني تعلمتُ حروف الهجاء، في أواسط العام 1950 . وهي التي علمتني تأليف كلمة، إنْ بالفرنسية أو بالعربية. ولقد قيل لي إنني كنت مولعًا بكتبي ودفاتري من أجل الرسم والكتابة والمطالعة. لم أعد أتذكر كل أسماء معلمي الفرنسية الذين دعموني وساعدوني خلال دراستي. ولكني مازلت أتذكر ثلاثة من أساتذتي في اللغة الفرنسية طبعوا ثقافتي الفرنسية عميقًا: في قريتي البوار، أذكر السيدة فورموز نعيمه، في الصفين الثامن والسابع، التي كان لها الأيادي البيضاء على أسلوبي ولغتي، وفي غزير، في الإكليريكية الصغرى التي كان يديرها اليسوعيون، أتذكر الأستاذ نعيم سعاده، المعلم الذي لا يُشَق له غبار، بانيََ شخصية التلميذ الفرنكوفونية. وأتذكر أيضًا الأستاذ فريد مراد، في الصفين الخامس والرابع، الذي كان يفتننا، بين حصتَي اللاتينية والفرنسية، بشروحه الدقيقة ووثباته الوجدانية. أتذكر أنني، في هذه الحقبة، وخلال دروس المساء وعطل نهاية الأسبوع، طالعتُ العمل الضخم les THIBAULT  لمؤلف كلاسيكي مغمور في أيامنا وهو روجيه مرتان دو غار. ويومًا، خلال درس المساء، استدعاني رئيس الإكليريكية، وتمنى عليّ أن أتوقف عن مطالعة القصص، من أجل أن أتقن فروضي، خاصة في الرياضيات، وكذلك النناظر الذي أتى بعدها إلى الجمهور، أُوكلت إليه مراقبةُ ممنوعاتي (المطالعة)، كما لو كان يتجسس على مطالعاتي من قبل. لقد أُخذتُ بمطالعة ذلك المؤلَّف الذي يحوي آلاف الصفحات، حيث تنفجر المشاعر والأفكار، وتتوالى الأقوال المأثورة وشبْكُ الأحداث الذي يبشّر بعُقَد أخرى، بحيث طلبت من الأب الروحي أن أجلس في غرفة الانتظار، بقرب مكتبه، لأنجز فرضي في المطالعة والثقافة، الأمر الي لم يرُق بتاتًا ناظري العزيز. حقًا، ما زلت أحتفظ حتى اليوم بدفتر دوّنت عليه عشرات الجمل التي لفتتني في تلك الفترة، من نوع: "نموذجَا الثوريين، الرسل والتقنيين"، مما دفعني إلى أن أصبح في ما بعد رسولاً، وشبه رؤيوي وتقني، وأيضًا "أنّى كان المرء، وأنّى توجّه، يستمر في مواصلة التفكير بكلمات لغة بلاده وقواعدها". هذا ما جعلني أصمم على أن أتقن اللغة العربية وأصبح معرِّبًا، متنقلاً بين الفرنسية والعربية. وهناك اقتباس أخير طبع حياتي وهو: "الفكر يحيي العمل، وبدونه، عبثًا نعمل. ولكن الفكر يبدو عقيمًا بدون العمل". هذه الحكمة الأخيرة، وباتكالي على ثقافتي القروية، حثتني على أن أكون رجل عمل، ملتزمًا في المباشر الداهم، غير ناس أن الهدف هو أن أساعد، بذكاء ومهارة، الغرسة لتنمو وتحمل الثمار الجيدة

4 – من تلك الحقبة، واستادًا إلى الخبرة، أرى أنّ تعلّمَ لغة غير لغة الأم، وبخاصة اللغة الفرنسية، لهو دليل حرية وانفتاح على نموذج آخر من الثقافة. تلك الثقافة نتمسك بها، حتى وإن كنا بعد يافعين، إذ إنها، نوعًا ما، تجعل من المرء مواطنًا عالميًا، شخصًا إنسانيًا محاورًا غيره من الناس، بصرف النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم. إنها تعلمك أن تكون واضحًا حيث يجب ذلك، إنطلاقًا من مبدأ ريفارول الذي يُعتبَر دائمًا من الحاليات. يقول: "كل ما يبدو غير واضح ليسَ فرنسيًا". فالشخص في هذا المفهوم، يتصدّر كل شيء. وهذا ما يُحِلُّ شخصية الإنسان في المكان الأول، ويجعل الـ"أنا"، في أي ظرف، سيد اللعبة.  تعلّم هذه اللغة لا يُعتبَر، إلى حد بعيد، تكريمًا للجمهورية الفرنسية وللفرنسيين، بل تكريمًا لذاكرتنا كلبنانيين، لتاريخنا، حيث اللغة الفرنسية، كلغة ثقافة، سحابة قرنين، واكبت ولادة لبنان الحديث، لبنان الدولة. اللغة الفرنسية تعتبر واقعًا لبنانيًا، تاريخيًا واجتماعيًا، قبل أن تكون لغة اكتساب وتعلّم. وعلى سبيل المثال، تُخبر المدارس الخمسون التي أسسها الأب جوزف دو لور  اليسوعي الذي يعرفه جميع سكان جبالنا والذي نشّأ اجيالاً فرنكوفونية عديدة، بين العامين 1920 و.1945 وكم روى لي المرحوم والدي جرجس الذي كان أحد تلاميذه، عن شغف ذلك المعلّم بالمعرفة، وبالواجبات الدينية، وتعلّم اللغتين العربية والفرنسية... وها نحن اليوم نواصل عمل الأمس في خضم التبدلات الاجتماعية والتقنية والصعوبات التي تزحم تعلّم اللغة الفرنسية وتعليمها، وكذلك غيرها من اللغات الأخرى. ولكن عزيمتنا وتصميمنا ثابتان، من أجل أن تبقى الفرنكوفونية اللبنانية، بأدبائها وشبانها وفتيانها، مميزةً حيّةً.

سعادة السفير

اصدقائي الاعزاء،

       5 - الوسام هو، مبدئيًا، شهادة امتنان لكل ما أُنجِز او حُقِّق في نهاية حياة او تجوال، مع العلم أني لست اديبًا ولا شاعرًا، وأن امامي بضع سنوات عمل قبل إحالتي على التقاعد. إلاّ أن وسامًا يحمل السعف الاكاديمية يجعلك تنظر إلى المستقبل، ويحملك على متابعة تحمل مسؤولياتك في الخدمة والعمل. فبفضل مشاركتكنّ ومشاركتكم جميعًا، أنا واثق من ان مدرسة سيّدة الجمهور ستواصل رسالتها التربوية والفرنكوفونية في خدمة التربية الفرنسية، من أجل الجمهور ولبنان الذي انفتاحه الثقافي والروحي كان وسيبقى اساس وجوده.

       أكرر شكري، سعادة السفير، لتشريفكم، من أجل تكريم رسالة مدرستي. آيات الشكر هذه أوجهها لكنّ ولكم، انتم الذين غمرتموني بعاطفتكم وحماستكم، من أجل أن اتمكن من متابعة إثمار رسالتي في البناء وتنشئة إنسان الغد.أسدي الشكر للسيد فريديريك كلافيه الذي طبع بشخصيته الجمعية الثقافية اللبنانية الفرنسية، والذي لا أُبَرِّئُه من سعيه الخفي لدى المراجع الفرنسة في تقليدي هذا الوسام. أشكر من صميم قلبي، بالأخص، كل الذين شاركوا في الاعداد لهذا الحدث.

       وفي الختام، كيف لا اشكر معلم الفرنكوفونية ومرتّلها الذي يستقبلنا اليوم، في هذه القاعة الجميلة التي تحمل اسمه والتي تدعونا ايضًا إلى تبادل الأنخاب؟ إنه معالي الأستاذ ميشال إده، من عظماء قدامى الجمهور ورئيس رابطتها.

وكلمة أخيرة أسوقها: إن نضالنا مستمر من أجل لبنان التنع والتعدد، حيث تُفرد اللغة العربية المكانة المميزة للغة الفرنسية، لغة الحضارة التي، فيما تسعى إلى رفعة نسبية، تعمل من أجل حوار الثقافات والتنوع اللغوي والثقافي. فلنتابع هذه المعركة بتصميم وذكاء لينهض لبنان من الظلام ومن دروب جلجلته، وليستعيد حيويته ورسالته في أن يكون شاهدَ تضامن وثقة متبادَلة وإخاء.



Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008