فنّ القيادة

- نظرة إغناطيّة شرقيّة -

 

[Pour télécharger le document en entier, format Word : .doc 112kb, utilisez le bouton droit de la souris]

أوّلاً -  فنّ القيادة والروح الإغناطيّة

ثانياً - فنّ القيادة و روح الخدمة

ثالثاً -  فنّ القيادة و روح التنشيط

رابعاً -  فنّ القيادة و روح التجدُّد والإبداع

الخاتمة

 

ثالثاً -  فنّ القيادة و روح التنشيط

     سأتناول روح التنشيط من زاويتين أو مستويين متكاملين:

     إنّ المستوى الأوّل يتعلّق بتنشيط الحياة العامّة الخاصّة بالمجموعة. يقع على القائد أن يهتمّ بالحياة العامّة التي هو مسؤول عنها، فيراعي المصلحة العّامة من دون أن يُهمل مصلحة الأشخاص الذين يكوّنون الجماعة.  وينبغي لنا أن نعترف أنّ التوفّيق بين المصلحتين أمر دقيق وصعب.

     كان إغناطيوس يستخدم عبارة خاصًّة للإدلاء بالمصلحة العامّة ،  وهي: " بحسب الظروف والأمكنة والأزمنة والأشخاص ". إذن هناك مرونة يعلِّمنا إيّاها إغناطيوس،  تقتضيها الظروفُ والأمكنة والأزمنة والأشخاص.  ويمكننا القول بأنّ لكلّ ظرف معاملتَه الخاصّة،  ولكلّ مكان ميزتَه الخاصّة،  ولكلّ زمن ممارستَه الخاصّة،  ولكلّ شخص وضعه الخاصّ. ويقع على عاتق كلّ قائد أن يأخذ بعين الاعتبار جميع هذه الأمور،  في سبيل أن تتّسم قيادته بالروح الواقعيّة.

    وهناك مستوى ثانٍ، وهو تشييد " جماعة رسوليّة " ولا " جسم رُسل "فقط، بحسب عبارة الأب بيتَرْ هانْس كُلْفانْباخْ،  الرئيس العامّ على الرهبانيّة اليسوعيّة،  متوجِّهاً إلى اليسوعيّين وإلى جماعات الحياة المسيحيّة.  تعني الجماعة الرسوليّة جماعة رُسل يتعاونون في ما بينهم في سبيل المصلحة العامّة ومصلحة الأشخاص،  في حين أنّ جسم رسل يعني عمل كلّ واحد على انفراد،  من دون التعاون مع سائر الرسل.  وقد اختار يسوع اثني عشر رسولاً وجمعهم في جماعةواحدة، وأرسلهم اثنين اثنين،  وكان يخاطبهم كجماعة رسوليّة،  ولم يُقِم رسلاً منفردين منعزلين بعضهم عن بعض.  وفي شرقنا، أرى أنّنا نتعرّض لأخطار ثلاثة في هذا المضمار:

     الخطر الأوّل أنّنا اجتماعيّون أكثر منه جماعيّون،  بمعنى أنّنا نحبّ الحياة الاجتماعيّة والعلاقات الاجتماعيّة والأحاديث الاجتماعيّة...،  ولكن يصعب علينا أن نشيّد جماعة بتمام معنى الكلمة:  جماعة تعيش العيش المشترك،  ويتعاون فيها الأشخاص في هدف مشترك ومشروع مشترك وعمل مشترك،  بما يتطلّب ذلك من تضحية بالذات وبالرأي الفرديّ وبالقرار الفرديّ. فواقعنا المؤسف يدلّ أنّ كلّ واحد يميل إلى أن يستبدّ برأيه ويفرضه على الآخرين ولا يتحاور معهم ويقرّر وحده، كما أنّ كلّ واحد يريد أن يكون رئيساً على الآخرين. إذن نحن لا نُجيد العمل معاً وإن كنّا نُجيد الثرْثرة والدرْدشة معاً.

    وهناك خطر ثان وهو قضيّة التكليف.  فنحن،  عندما نكلّف شخصاً بمسؤوليّة،  علينا أن نثق به  وألاّ  نتدخّل في ما يقوم به،  بل نجعله يتحمّل مسؤوليّته بالكامل من دون مراقبته في أسلوب تأديته إيّاها. وهذا بالذات يصعب علينا في مجتمع يتدخّل فيه الرئيس في أدقّ تفاصيل عملمرؤوسيه، بالإضافة إلى تدخُّل ’الوسايط‘،  ما ينمّ عن عدم الثقة بالآخر،  بل الثقة بالنفس فقط واعتبار الآخر مُنافساً أكثر منه مُعاوناً.  لا ننسَ مَثلنا الشعبيّ البشع: "أنا وأخي على ابن عمّي،  وأنا وابن عمّي على جاري...".  إنّ روح الإنجيل تدفعنا بالأحرى إلى أن نقول: "أنا وأخي مع"، ولا "على"،  وذلك من منطلق الثقة بالآخر،  وإن كان مختلفاً عنّي.  فلسوء الحظّ، ما من مكان للآخر في ثقافتنا السائدة. 

     وهناك أخيراً خطر ثالث، وهو أنّنا غير وحداويّين،  وإن كنّا نتوق إلى وحدة الكنائس وإلى الوحدة العربيّة على سبيل المثال.  فيظلّ تاريخنا ثقيلاً مُحمَّلاً بأنّ أوّل انقسام في الكنيسة حدث في الشرق،  وكذلك الأمر في التاريخ العربيّ.  تظلّ مجتمعاتنا – قديماً وحديثاً - متّسمة بالانقسام.  وعلى نقيض ذلك،  يدعو إغناطيوس مراراً إلى " وحدة الأفكار والقلوب ". 

     تلك تحدّيات ثلاثة – التعاون والتكليف والوحدة -  علينا كإغناطيّين أن نتيقّظ إليها ونوليها أهمّيّة في تقييمنا الجماعيّ وفي فحص ضميرنا الشخصيّ.

 

Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008