أوّلاً - فنّ القيادة والروح الإغناطيّة
ثانياً - فنّ القيادة و روح الخدمة
ثالثاً - فنّ القيادة و روح التنشيط
رابعاً - فنّ القيادة و روح التجدُّد والإبداع
رابعاً - فنّ القيادة و روح التجدُّد والإبداع
إنّ التجدّد والإبداع مبنيّان أساساً على " المزيد" الإغناطيّ (باللاتينيّة: Magis)، أي ما هو أفضل وأعظم وأكثر. الحقّ يقال إنّ المزيد يخالف طبعنا البشريّ بوجه عامّ، وطبعنا الشرقيّ بوجه خاصّ حيث يسود الروتين والاكتفاء بالحدّ الأدنى والعادة والتعوّد و’ المعهلشيّة ‘... أمّا المزيد فهو ديناميّة داخليّة تدفع دائماً إلى تجاوز الذات، والخوض في المخاطر، وتحمّل المشقّات، والمثابرة الفعّالة... ومن ثّمّ، فلا يكفي أن يُنشِّط القائد مجموعته، بل يدفعه المزيد إلى أن يُجدِّد مُبدعاً. وفي سفر الرؤيا كلمة إلهيّة تُوجّهنا وتشجّعنا: "ها إني أصنع كلّ شيء جديداً ". فالإله الذي قام بأعظم شيء وهو الخلق، لم يكتفِ بذلك، بل هو يجدّد مُبدعاً. وعلى القائد أن يقتدي بالله، فيُجدّد ويُبدع بلا كلل ولا ملل.
وثمّة بعض الأساليب الإغناطيّة التي تسمح بالتجدّد والإبداع في محيطنا الشرقيّ، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
تحديد أهداف واضحة المعالم تكون بمثابة شعار سنويّ أو مرحليّ تلتزمها الجماعة التزاماً شخصيًّا وجماعيًّا. وتُحدَّد تلك الأهداف بحسب مقتضى حال الجماعة وحاجاتها المختلفة. أذكرُ منها على سبيل المِثال: الأمانة على الصلاة والإفخارستيّا والرياضة الروحيّة والرسالة وتقدمة الذات...
وأذكر أيضاً الشروع في بعض التطويرات والتحسينات الضروريّة في حياة الأعضاء، مِثل بساطة نمط الحياة وتحسين أسلوبها بحسب روح الإنجيل، كما يوصي به إغناطيوس في حديثه عن مواضيع " الاختيار "؛ ومنها " الشعور مع الكنيسة "، كما يعرضه في ختام مسيرة الرياضات الروحيّة؛ ومنها أيضاً الانفتاح على الآخر، ولا سيّما الآخر المختلف، أمانةً للروح " الشموليّة " التي تميِّز الإنسان الإغناطيّ...
كما أذكر أخيراً ضرورة التكوين المستمرّ، حتّى يتجدّد ويتدفّق باستمرار نبعُ الحياة لدى الأشخاص وفي الجماعات. ولا يسعني هنا إلاّ أن أشدّد على أهمّيّة التبحُّر في الروحانيّة الإغناطيّة والروحانيّة الشرقيّة على حدّ سواء، لكيما نحدّد هويّتنا الإغناطيّة الشرقيّة ونعيشها في ارتياح ونضوج وفرح، ولكيما نجذب آخرين إلى اقتفاء هذا الطريق الكنسيّ.
ولا يقوم القائد بكلّ ذلك على انفراد، بل بتمييز جماعيّ، حتّى يكتشف، هو ومعاونوه، ما عليهم أن يجدّدوه ويحدّدوه، وكيف يمكنهم أن يُبدعوا فيه. ويتّسم " التمييز " الإغناطيّ ببعض الشروط، أوّلها أنّه يتمّ في جوّ من الصلاة، ولا سيّما استدعاء الروح القدس حتّى يُنير القلوب والعقول لاكتشاف المزيد؛ فضلاً عن " عدم الانحياز "، أي الحرّيّة الداخليّة التي تسمح بالتحرّر من أيّ " علاقة غير منظّمة "، ومن أيّ تصلّب في الرأي، ومن أيّ ضغط على الآخرين.
هذه أيضاً تحدّيات على القائد أن يعيها تمام الوعي لكي يحقّقها في حياته الشخصيّة وفي مسيرة الجماعة التي هو مسؤول عنها.
و ختاماً لحديثي، لا يروق لي إلاّ أن أستشهد بالشعار الإغناطيّ المشهور الذي يُلخّص، في نظري، جُلّ ما نسعى وراءه في حياتنا الشخصيّة والجماعيّة، وما يسعى وراءه القائد الإغناطيّ بوجه خاصّ من خلال قيادته، وجُلّ ما دفعني إلى التعبير عنه في حديثي الودّيّ هذا:
Et Haec Omnia Ad Majorem Dei Gloriam
و ذلك كلُّه لتمجيد الله تمجيداً أعظم.
الأب فاضل سيداروس اليسوعي