عيد العلَم في مدرسة سيّدة الجهور   (19/11/2008)
كلمة الأب الرئيس في عيد العلم

 

 حضرة ممثل قائد الجيش اللبناني،

حضرة المدراء والأساتذة،

أعزائي التلامذة،

       جميلٌ أن نجتمعَ معًا لنعيّد بقلب واحد عيدَ العلَم وعيد الاستقلال، استقلالِ لبنان.

       والعَلَم هو رمز استقلالنا ودعوة يومية إلى النضال من أجل الاستقلال.

       وكما نعلم، إنّ عيدَ العلمِ أعلنه، يومًا من الأيام، لعشرين سنة خلت، في عزِّ الحرب الجارية على أرض لبنان، وزيرٌ للتربية أراد أن يكون للعلم اللبناني عيدُه المميّز في صروح التعليم والتربية.

       بالأمس، هاتفني أحدُ الزملاء من مدراء المدارس سائلاً: ما عسى نقول للطلابِ والجماعة التربوية في احتفال هذه السنة؟ 

       في العيد، في عيد ميلاد أحد زملائنا،  نعيّد عادةً مَن هو عزيزٌ علينا وحبيبٌ لنا، نبتهج معه بأنه هو هنا ونحنُ معه، نتذكّر أيامًا قضيناها معًا، وكان حضورُه مميزًا في حياتنا، وفي وجودنا. وكذلك هو يبتهجُ في العيد، وفي قطع قالَب الحلوى، لأنه يرمز إلى ما عاشه مع ذاته، ومع أصحابه وأقاربه ومحبّيه. في يوم العيد، نقول له أنت ستبقى معَنا، وهو سيقول أنا سأبقى معكم باسم العلاقة التي تجمعنا.

       واليوم، أمام العلَم، علَم لبنان، صاحب الألوانِ الثلاثةِ، ما هو شعوركم أيها الفتيان والفتيات؟ هل انتم أمامَ محبوبٍ وصديق وعزيز، أم أنتم أمام شيءٍ جامد، أمامَ قطعة نسيج في مهب الريح؟ ماهي عاطفتُكم تجاهه؟ هل هو قطعة من متحف الماضي، تذهبون أمامه، في الشهرين مرة لتحيته، قدَمٌ إلى الأمام وقدَمٌ أخرى إلى الوراء؟ هل هو رمزٌ عفا عليه الزمن  تستخرجُه إدارةُ المدرسة، وتجمعكم اليوم لتحيته، في احتفالٍ أشبهَ باحتفالٍ فولكلوري، على الطريقة اللبنانية؟

معَكم وباسمكم، أيها الشبانُ والشابات، أقول: لا. ليس هو موقفكم، ولا هو شعوركم ولا هو عاطفتكم.

       عندما نقف أمام العلم نشعرُ بأننا نقف أمام قوة الحياة التي تدبّ فينا من هذه الأرض التي اسمُها لبنان، من شمسه وترابه ومياهه ومناخه، نقف أمام الألوان الأحمرِ والأبيض والأخضر التي لكل منها معانيها، ولا أريد شرحها لأنكم تعرفونها، بل أقول إنّ هذه الألوان تشكّل هويتكم اللبنانية التي نقبلها بقوتها وبضعفها، بغناها وبفقرها، بعظمتها وبساطتها، تحملونها في ذواتكم وشخصيتكم المميّزة، تفتخرون وتعتزون بها، هذا العلم هو رمز لوجودكم اليوم لأنكم بواسطته تعرّفون عن أنفسكم، ويعرفكم الأقربون والأبعدون،

حتى الذين هم بينكم اليوم، هم أجانب، ويحملون هوية مزدوجة، هذا العلم أصبح جزءًا منكم، لأنكم تفاعلتم مع هذه الأرض ومع الناس الذين يحيون عليها،

هذا العلم يدعوكم إلى تنقية نفوسكم من العصبيات والكراهية والكبرياء، ويقول لكم: إتّكلوا على انفسكم.

هذا العلم، بارتفاعه وبعلوه، يدعوكم إلى التخلّص والتحرّر منَ الجهل بأن تكسبوا المعرفة والثقافة الحية، ثقافةَ بناء الشخصية المنفتحة الخلاقة، يدعوكم للتحرُّر منَ الخوف والانكماش على الذات، يدعوكم إلى الشهادة له وألاّ تشمتوا به،

هذا العلم يدعوكم إلى تحرير الطاقات الأدبية والفكرية والرياضية والروحية التي هي فيكم لتجعلوها مداميكَ حجارة حيّة تبنون الوطن منها وبها.

أعزائي أعضاءَ الهيئة التربوية، وأعزائي التلاميذ والتلميذات جميعًا،

سيّدي ممثل قائد الجيش،

لا تُبنى الأوطان بالكلمات الجوفاءِ، وبالتصاريح والخطابات والبيانان الرنانة، إنما تُبنى بالجمع بين القول والفعل، أي أن يصبح القول فعلاً، والفعلُ شاهدًا على القول والكلمة التي قلناها، وهذا ما نقوم به وما تقومون به في مدرستكم، في بيتكم الأم. نريدكم أن تحوّلوا القول إلى الفعل، وأن تتربَّوا على ذلك، تحوّلون الحرف والرقم والنصّ والخارطة وشاشة المعلوماتية، تحوّلون هذا كلَّه فيكم إلى معرفة، إلى ثقافة نريد أن تكون ثقافة للحياة ومن أجل الحياة، فتبنون ذواتِكم وتزدادون حبًّا وحكمة وثقافة يومًا بعد يوم.

العلم اللبناني يناديكم. أنفضوا عن انفسكم غبارَ الاتكالية والهرب من المسؤولية، وثقافة ال ـ "معليش"  والتسويف إلى ما بعد غد، وإلى ما بعد بعد غد. العلم يهتف في أذن كل واحد وواحدة: لا تنسَوا احلامَكم، احلامَ الغد المشرق، احلامَ الغلَبة على الفساد والمفسدين، احلامَ أن تبقى الارزةُ شجرةَ حياةِ لبنان الشبابَ. كونوا اسيادًا واحرارًا وروادًا، باسم علم لبنان.

تحية منا إلى جيشنا اللبناني المفدّى، وإلى قائده عنوانِ السهر على الحرّية والسيادة والاستقلال. تحية منا إلى فخامة رئيس الجمهورية، ندعو له بدوام العزّة والحكمة والقوة لنصرة بنيان الوطن،

عشتم وعاش لبنان.

 



Collège Notre-Dame de Jamhour, LIBAN
Bureau de Communication et de Publication © 1994-2008